بسم الله الرحمن الرحيم دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور سليم الحص صاحب السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني صاحب السماحة رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ممثلاً بسماحة المفتي الشيخ غالب عسيلي أيها الأخوة الأعزاء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الحمد الله الذي وهبنا مواسم نتسلح فيها بالإيمان ونتعلم من خلالها الصبر ونكثر فيها من العطاء الحمد الله الذي جعل لنا أياماً كهذه نلتقي على محبة الله وطاعته وحول عملٍ أساسه الخير ومستقبله الأمل والرجاء. أيها الأحبة، نلتقي معاً كل عام في مثل هذه الأيام المباركة بمظلة من رحمة الله سبحانه وتعالى ، واللقاء ليس لقاءٌ من أجل الطعام والشراب ، وإنما هو لقاءً مع الذات ومع نخبة المجتمع اللبناني لنتصارح في شؤون البلاد والعباد ومن هنا تأتي عظمة هذه الأيام وبركة هذا الشهر الذي كان مؤشراً لتكريم الإنسان والتعاطف مع حاجاته ، فكانت مؤسسة المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد حريصةً كل الحرص على أن نتلاقى معاً من أجل كرامة وقيمة الإنسان في هذا الوطن وكثيراً ما كان الإنسان المؤمن محور نشاط المفتي الشهيد على مدى ربع قرن من مهامه الدينية والإجتماعية والوطنية ، وقد آثرنا كمؤسسة معكم وبكم أن تكون غايتنا وهدفنا التربية والثقافة لإيجاد جيل لبناني عربي مؤمن بالله وبوحدة الوطن وعيشه المشترك ومن المؤلم أننا منذ إنطلاقتنا التي تجاوزت بضع سنين لم نستطع أن نحقق إلا القليل مما نصبو إليه ، صحيح أننا قمنا بمؤازرتكم ودعمكم بمساعدة الآلاف من الأسر في بيروت وفي كثير من المناطق اللبنانية على الصعيد التربوي والإجتماعي والصحي الغذائي بالإضافة إلى فتح آفاق أبناءنا على التطور التكنولوجي والتقني الذي أصبح جزءاً من مقومات العصر لكننا لا زلنا نسعى بالتعاون مع الخيرين لإقامة المجمع التربوي والمهني والثقافي الذي يحتاجه شبابنا وأبناءنا، وتحتاجه مدينتنا بيروت ، بيروت وأهلها الذين يستحقون منا ومنكم أن نقدم لها الكثير ولأبناءها الذين صمدوا بوجه العدوان الإسرائيلي وبوجه التسلط والهيمنة والإنفلاش المذهبي والطائفي ، بيروت التي دفعت ثمناً باهظاً على الصعيد العمراني والإجتماعي والبيئي . وبيروت هذه، أيها السادة، التي حافظت على عروبتها ووطنيتها ودورها الإيماني لا يمكن ان تنسى رجالاتها وقياداتها الذين لعبوا دوراً محلياً وعربياً ودولياً بدءاً من الرئيس رياض الصلح الذي كرس الميثاق الوطني وإمتداداً بالرئيس رفيق الحريري الذي إستطاع وبحق وبالتعاون مع كل المخلصين في لبنان وفي مقدمتهم دولة الرئيس الدكتور سليم الحص أن يعيد لبيروت بهاءها ودورها الريادي في دنيا العرب والعالم رغم التحديات الإقتصادية والإجتماعية التي فرضت على لبنان والمنطقة . ولن ننسى للحكم والحكومة في العهد الماضي أنها إستطاعت أن توطد أمن الوطن والمواطن وأن يحسم خيار عروبة لبنان وتنسيقه وتكامله مع الشقيقه سوريا ونحن على يقين بأن العهد الجديد بقيادة فخامة الرئيس إميل لحود وحكومته برئاسة دولة الرئيس الدكتور سليم الحص سترسخ هذه المعاني وتعالج الشوائب والثغرات وتنجز بناء دولة المؤسسات، وإننا ندعو الجميع إلى مساندة الرئيس الحص ، ونحن على ثقة بأن الرئيس سليم الحص وحكومته المؤهلة والقادرة لأن تلعب دوراً ريادياً وحضارياً وتتجاوز كل الصعاب لما للرئيس الحص من تجربه عنوانها الخير والنزاهة والعطاء ، ولا ننسى مواقفه الوطنية الحاسمة وتعاونه مع المفتي الشهيد في حماية صيغة العيش المشترك وصون العقل الراجح في إخماد كل المؤامرات والدسائس التي حيكت في تلك الظروف الصعبة في لبنان . ومن هنا فإننا بإسم بيروت ودورها نقول بأن الحكم إستمرارية والسلطة تداول بين الأخيار والرجال الرجال هم الذين يحافظون على الماضي بإنجازاته والحاضر بآماله ليبنوا المستقبل المنشود. أيها السادة، إن القرار السياسي الدولي عامةً والإقليمي خاصةً والمتمثل بالشقيقة سوريا هو الذي وضع أسس السلام في لبنان من خلال إتفاق الطائف ، وهو الذي اهم في بناء لبنان الجديد ، والدولة اللبنانية بكل مؤسساتها ومرافقها العامة والخاصة ، وبيروت ولبنان بحاجة إلى كل القيادات والمرجعيات السياسية الوطنية لأنه بتكاملها وتعاونها موالاه ومعارضه تستطيع أن تحمي لبنان وعروبته وتحافظ على خياره العربي والإسلامي ، فوحدتنا الوطنية مسلمين ومسيحيين هي الضمانة الأكيدة لصمود لبنان بوجه العدو الإسرائيلي المتربص بنا الدوائر وهذه الوحدة كما قال المفتي الشهيد: إن وحدة المجتمع اللبناني لا يقوم إلاّ على توازن جديد، يقوم ويتكامل بين الطاقات الإسلامية والمسيحية ، لأن الطاقات المسيحية المتآلفة ، والقيادات المسيحية الموحدة ، والمؤسسات المسيحية المتكاملة ، بتيقى ناقصة التحرر ، ضعيفة العطاء ، إذا بقيت الطاقات الإسلامية اللبنانية متنافرة ، والقيادة الإسلامية متفرقة ، والمؤسسات الإسلامية مستضعفة ، وعكس الأمر صحيح في هذا السياق . لذلك فإن وحدة المسيحيين اللبنانيين أصبحت مسؤولية سياسية إسلامية ، ووحدة المسلمين اللبنانيين مسؤولية سياسية مسيحية ووحدة المسلمين والمسيحيين في وطن واحد أصبحت مسؤولية لبنانية مشتركة. ايها السادة الأعزاء، إن ما أشار إليه فخامة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود في خطاب القسم يؤكد بأننا على عتبة جديدة من بناء دولة المؤسسات ، الدولة القوية القادرة والعادلة التي طالما تطلع إليها جميع اللبنانيين المخلصين منذ أمد بعيد وخاصة القوى الصامته والشريفة في هذا الوطن ، ودولة المؤسسات هذه لا يمكن أن تبنى إلا بالعدالة والمحبة والمحافظة على حقوق الجميع وكرامتهم وتطلعاتهم المشروعة والمحافظة على الأعراف والقيم الإيجابية التي ونشأ عليها اللبنانيون والتي تصب في مصلحة الوحدة الوطنية ، وخاصة روح العائلة الواحدة التي تتجلى في المناسبات الدينية والوطنية حيث يتحول المجتمع اللبناني بقياداته ومواطنيه مسلمين ومسيحيين إلى عائلة واحدة ، لذلك فإن التواصل من الناس ومع شرائح المجتمع اللبناني يثري المجتمه ويغذي روحه الوطنيو وتبعد عنهت شوائب الطائفية والمذهبية الضيقة ولا يتعارض مع العمل الجديد والمناقبية والشفافية التي نحرص عليها جميعاً . فلا نريد لهذا العهد الذي نجله ونقدره ونتوسم فيه كل الخير أن تشوه مقاصده وغاياته من خلال تغيير ما إعتادت عليه العائلة اللبنانية من التواصل في المناسبات الدينية والوطنية فالتواصل الذي ننشده والباب المفتوح الذي نريده هو الذي يجسد الوحدة الوطنية والعيش المشترك وهو الذي ينبذ الطائفية والمذهبية ويلغيها من النفوس قبل النصوص. أيها السادة، من هذا المنظور نحن بحاجة ماسة إلى قوة الحكم والحكومة القادرة على إحتواء الجميع والإستفادة من كل الطاقات اللبنانية في الداخل وفي بلاد الإغتراب ، لنخرج من الأزمة الإجتماعية والإقتصادية الخانقة التي لا تتحملها حكومة أيا كانت هذه الحكومة ولا عهد أيا كان هذا العهد ، وإنما هي جزء من آثار الحرب العبثية التي فرضتها علينا إسرائيل ومخططاتها الإجرامية بحق أمتنا والتي لا زالت في الجنوب والبقاع الغربي تمارس وتكيل شتى أنواع القهر والعدوان على أهلنا شباباً وأطفالاً ونساءً وشيوخ . وما المقاومة الإسلامية والوطنية الباسلة الذين يتصدون كل يوم وكل ساعة ليلاً ونهاراً ، بمقاومة باسلة ومحقة بأجسادهم وأموالهم وأطفالهم وأرواحهم بإسم المقاومة الإسلامية والوطنية في وجه الأفعى الصهيونية ومماترساتها وهذا هو الرد الصحيح على العدوان المستمر والمنظم على أهلنا في الجنوب والبقاع الغربي ، وما ممارسات العدو الصهيوني ، إلاّ حلقة من حلقات التآمر على أمتنا العربية والإسلامية ، وما العدوان المستمر على الجنوب والبقاع الغربي والجولان وفلسطين والعراق والسودان وليبيا والحصار الغير معلن على لبنان وسوريا والحلف التركي الصهيوني ، إلاّ جزءاً من مخططات الحركة الصهيونية المتعاونة مع أميركا وحلفائها للهيمنة على الأمة وثرواتها ، ووحدة العرب والمسلمين وتعاونهم في الإطار السياسي والإستراتيجي والإقتصادي هو الرد الوحيد والأكيد على كل مخططات العدو وعدوانه. أيها السادة، إننا جزء من هذا الوطن ومن هذه الأمة نتأثر سلباً أو إيجابياً من كل ما تعانيه من ويلات ومكاره ، فخيارنا وحدتنا الوطنية والمزيد من التلاحم مع الشقيقة سوريا ومع كل الأشقاء العرب لنستطيع أن نحافظ على وجودنا وبقاءنا . وإن المؤسسات الأهلية التي تساهم في دعم أهلنا وأمتنا هي جزء أساسي من صمودنا الوطني ودعمكم لهذه المؤسسات وهو مساهمة إيجابية وواجب ديني ووطني في إطار بناء إجيال واعية محصنة وصامدة. هنيئاً لكم صيامكم وعبادتكم في هذا الشهر المبارك ، وشكراً لتلبيتكم دعوتنا هذه وإلى لقاء قريب بإذن الله في سبيل خدمة الوطن والمواطن . |