إذا كان الاسلام واحداً فلماذا يتفرق المتدنيون به؟ وإذا كانت القضية الوطنية واحدة فلماذا يتقاتل الوطنيون؟ **** لا كرامة لوطن يفتقد فيه المواطن عزته وكرامته. **** المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع الى الاستقرار والحرية والسيادة وتقرير المصير. **** إن وحدة المسيحيين مسؤولية سياسية إسلامية ووحدة المسلمين مسؤولية سياسية مسيحية **** إن شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل لا شريعة الهوى والقتل، وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار **** إن أي فئة من الفئات لا يمكنها ان تبني لبنان على صورتها، سواء كانت حزبية أو طائفية أم عنصرية. **** إن لغة التخاطب مع العدو الدخيل على الجوار تختلف عن لغة التخاطب مع الشقيق المتعاون في حمى الديار. **** الكرامات التي يعتدي عليها العدو الاسرائيلي خليقة بأن تثير ضمير العالم ليتحرك الى جانبنا. **** إن تحرير الوطن يكون بتحريره من العدو الاسرائيلي وتوفير السيادة له كاملة غير منقوصة. **** إن الواقع المقطّع الأوصال والضائع في متاهات اللا أمن واللا استقرار، يُشجع كل صاحب غرض لأن يحقق غرضه، وخصوصاً العدو الإسرائيلي الذي يريد أن يلعب بالنار ويستغل الظروف. **** إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله اخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب **** ان الخطر على لبنان من داخله إذا وزنت الوطنيةُ فيه بميزانين. **** من يطبق القانون بحزم في جهة ويتردد في تطبيقه في جهة أخرى يرد موارد الظلم. **** حريُّ بلبنان، أنشودة التلاقي بين المتدينين، أن يكون رائداً من رواد الحضارة الروحية في عصرنا. **** الطائفية هي تشنج صارخ بقشور الدين وانغلاق وحشي على الإنسانية وضياءها. **** إن لبنان بلد التلاقي الروحي لا الإبتزاز الديني، وان التدين ممارسة صادقة لحقيقة الدين وانفتاح مطلق على الإنسانية بأسرها. **** إننا نريد للبنان أن يكون بلد التعايش السياسي لا التعايش الطائفي. **** إن حقنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض كما يهوى ويشتهي إنما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة. **** إن تحرير الوطن ينبغي ان توازيه حركة تحرير المواطن وتحقيق المساواة الوطنية التامة. **** إن من يزن العدل بميزانين يخطئ في حق لبنان. **** وحدة المسلمين والمسيحيين في وطنٍ واحد مسؤوليةٌُ لبنانية مشتركة **** إن تحرير المجتمع اللبناني لا يقوم إلا بتكامل الطاقات الإسلامية والمسيحية. **** المواطن اللبناني لا يكون كبيراً إلا إذا بسطت السلطة الشرعية ظلها على كامل تراب الوطن **** إن لبنان لا يمكن أن يكون إلا على صورةٍِ من التجانس البديع بين جميع طوائفه **** إن نهوض لبنان وتقدمه مرهونٌ بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم **** الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره. **** إن دعوتنا لوحدة المسلمين ليست إلا دعوة لوحدة اللبنانيين. **** إن أخطر العبودية المعاصرة هي عبودية الإنسان لأهوائه وشهواته التي أحبطت مستواه الخلقي والاجتماعي والحضاري. **** إننا لسنا من هواة إثارة الهالات من حولنا ولا نحب أسلوب العمل الفوضوي ولسنا تجار مبادىء. **** عروبة لبنان هي الشرط الأول لبقائه سيداً حراً مستقلاً. **** إن الإنهيارات الخلقية والإجتماعية على صعيد الأفراد والشعوب، ما هي في الواقع إلا نتيجة طبيعية لفقدان القدرة لدى الإنسان المعاصر على إقامة التوازن الدقيق بين الروح والمادة. **** إن مهمتنا هي أن نحكم بالعدل في نطاق صلاحياتنا وأن نطالب بالأفضل لشعبنا في نطاق الأدب والحكمة. **** لا ديمقراطية ولا عدالة بوجود الطائفية. ****
Oct 2024 31
الخميس 27 ربيع الثاني 1446
حكـــــمة الاسبـــــوع




لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه



سجـــــل الإصدقـــــاء
رســائـــل التضامـــــن
رســــائـــل التــحيـــة
الـــــى الشــــــــــهيد
16 أيار
روابــــــــــط
المســـابقة التشجيعيـة
اســـــتفتــــــــاء
هل انت مع سحب المبادرة العربية للسلام نتيجة المجزرة الاسرائيلية على سفينة المساعدات؟
إشترك نتائج
   الشيخ حسن خالد في الأعلام
   
   
 


العنوان : حديث شامل لمفتي الجمهورية عن مختلف القضايا الراهنة
التاريخ : 1975-06-23
المرجع : جريدة المحرر

 جوهر الأزمة هو الصراع بين أصحاب المطالب الوطنية ومعارضيها
مصدر العلة: الطائفية السياسية والسياسيون الطائفيون
التحرش بالمقاومة هدفه الابتزاز للمساومة على المطالب الوطنية
من قال أن هناك أساساً دينياً للميثاق الوطني؟

أكد سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد أنه ليس هناك أساس ديني للميثاق الوطني. وتساءل: أين هو الميثاق الوطني، أروني إياه؟ وقال أن سياسيي الاستقلال يؤكدون أنه ليس هناك من ميثاق وطني بالمعنى الذي شاع بين الناس فيما بعد، بحيث اختلقت فيه بنود وبنود. فالتفاهم الذي جرى بين بشارة الخوري ورياض الصلح في مطلع عهد الاستقلال كان على تطوير العلاقات بين الأطراف المعنية وتحويل لبنان من دولة ليس لها طابع واضح إلى دولة عربية.
وهذا ما جرى عليه التفاهم وهذه هي حقيقة الميثاق. وأكد سماحته أن المطالب الخمسة وهي تعديل الميثاق الوطني وتعديل الدستور وتعديل قانون الانتخاب وتعديل قانون الجيش وتعديل قانون التجنس، هي مطالب مشروعة ومطالب كل الفئات الوطنية ولقد مضى على المناداة بها زمن طويل لأنها تلتزم بمبادئ العدل والمساواة وبناء لبنان الجديد. وإذا تحققت هذه المطالب فإنها ستجلب الخير ليس للمطالبين بها فحسب، بل حتى لتلك القلة التي تعارضها.
وقد جاء ذلك في حديث رد سماحته خلاله على أسئلة وجهتها إليه السيدة كاترين عكرة أمان مندوبة مجلة «منداي مورينغ» التي تصدر باللغة الانكليزية في بيروت.. والحديث ينشر اليوم في الزميلة الإنكليزية وفي لـ«المحرر» في وقت واحد.
وقال سماحته: إن الاتجاه الصحيح للتعايش اللبناني الفلسطيني هو في عزل هذا التعايش عن الصراع اللبناني الداخلي. إن جوهر الأزمة اليوم، في بعده اللبناني المحدود، يتلخص في الصراع الدائر بين طرفين من اللبنانيين، طرف يريد تحقيق المطالب الوطنية وآخر لا يريد تحقيقها، وهذا الأخير يعتقد أنه بتحرشه بالمقاومة يمكن أن يجعل الفريق المتعاطف معها يقبل بالمساومة، فيتنازل عن مطالبه، مقابل إيقاف التحرش بالمقاومة. وهذه عملية ابتزاز غير مضمونة النتائج، والمهم أن يعرف اللبنانيون جميعا هذه الحقيقة ليدركوا أن لا دخل للمقاومة بهذا الصراع المحلي، وهذا الإدراك اللبناني من شأنه أن يساعد على تحقيق مزيد من التعايش السلمي اللبناني الفلسطيني.
وفيما يلي نص الأسئلة التي وجهت إلى سماحته وأجوبته عليها:

• س: ما هي النواحي التي تسمح أو توصي بها ديانتكم في مضمار التسامح الأخوي والمعيشي مع الديانات الأخرى؟
- ج: يخيل إلي أن توجيه هذا السؤال هو ثمرة الظن في أجواء الأزمة اللبنانية الحالية بأن الأزمة الوطنية التي نعيشها اليوم بكل ألم، هي أزمة طائفية وأزمة تعايش مع الطوائف، وهو خطأ مقصود يروج له المنتفعون بالنظام الطائفي للمحافظة على مكاسبهم التي ضمنها لهم هذا النظام، وليسدلوا ستار النسيان على المطالب الوطنية عن طريق الدعوة إلى المحافظة على ما يسمى بالصيغة اللبنانية ووسيلتهم في ذلك إشاعة الرعب الطائفي. فكلما ازداد الرعب الطائفي تضاءلت، في اعتقاد الطائفيين، الدعوة إلى تحقيق المطالب الوطنية، لذلك فإن هؤلاء يلجأون باستمرار إلى طرح المسألة الدينية، والتعايش والتسامح بين الأديان. بعد هذا التحفظ الذي أبديه على السؤال في هذه المرحلة أقول أنه عرف عن الإسلام أنه دين التوحيد. والفكرة البعيدة والأكثر انتشاراً في هذا المعنى هي أن الإسلام دعوة لتوحيد الله خالق الكون، وهذه هي الغاية النهائية والبعيدة لمبدأ التوحيد الذي هو في أساس الإسلام، والتوحيد بعد هذا يعني في الإسلام عملية ذهنية يقوم بها العقل لاكتشاف الخصائص الواحدة والمشتركة بين الكائنات والأشياء التي تبدو متنافرة ليجمع ما بينها، فقانون سقوط الأجسام مثلا هو صيغة التوحيد العقلية التي تجمع بين الأشياء الوازنة، ولا أحب هنا أن أستفيض في ضرب الأمثلة لبيان كيف أن العلوم جميعاً تقوم على فكرة التوحيد. إنما يكفي أن أشير إلى أن هذا المبدأ الإسلامي يأمرنا الله أن نطبقه أيضاً على صعيد المجتمع، فنعمل على توحيده، بعد أن تكتشف عقولنا الخصائص الواحدة والمشتركة بين الناس مهما اختلفت الأديان التي إليها ينتمون. هذا من ناحية مبدئية عامة، أما من ناحية خاصة فالإسلام يأمرنا صراحة بالتسامح والتعايش مع أصحاب الديانات الأخرى ما دام بيننا وبينهم قاسم مشترك واحد هو عبادة الله. إن القرآن يقول لنا "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً" التوحيد على الصعيد الاجتماعي الذي يطلبه الإسلام منا في ظل من توحيد الله.
إن من أبرز طبائع هذا الدين التسامح مع الآخرين في كل شيء ما لم يكن إثماً أو عدواناً أو أذى، وعلى هذا الأساس يدعونا الإسلام إلى الحوار بالحسنى فيقول الله تعالى "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، أدفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". ويقول: "ولمن صبر وغفر أن ذلك لمن عزم الأمور" كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعانا إلى مثل ذلك بقوله "أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم". وقوله: "لا أدلكم على أقربكم مني مجالس يوم القيامة؟ ... احاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون".


استغلال الدين
لإغراض سياسية

• س: ما هي المشاكل التي تواجهونها خلال عملكم في مضمار هذا التعايش والتي لم تجدوا لها حلا نهائياً أو مرضياً؟
- ج: في مضمار التعايش الديني لا نعاني أي مشكلة على الإطلاق فالمسلمون يمارسون عباداتهم بكل حرية، إنما المشاكل الكثيرة التي نعانيها على مختلف الأصعدة ناتجة عن استغلال الدين لإغراض سياسية. وهذا ما يعرف عندنا بالطائفية السياسية التي أصبحت تفرز مشاكل معقدة على صعيد التربية، وعلى صعيد الإدارة، وعلى صعيد الجيش، وعلى صعيد الاقتصاد وغير ذلك من الأصعدة، والمؤسف حقاً أن المنتفعين بالطائفية يحاولون أن يلبسوا هذا الوضع السياسي الشاذ لبوس الدين، والدين لا علاقة له بكل ذلك...
هذه مشكلتنا الحقيقية وأظن أنها أيضاً مشكلة رجال الدين المسيحيين أيضاً.
• س: بأية طريقة يمكنكم أن تساهموا فعليا في سبيل إيجاد هذا التعايش السلمي؟
- ج: لقد قلت أن التعايش هو من صلب ديننا، وبالتالي فهو موجود، والوعي والعمل هما خير ضمان لتعزيزه.
• س: ما هي القرارات في هذا المضمار التي اتخذتموها واعتمدتموها حتى اليوم، إن كانت في شكل اتصالات أو مناشدات؟
- ج: إننا منذ تولينا منصب الإفتاء ونحن نطلق التصريح تلو التصريح، ونلقي الخطبة تلو الخطبة بهذا الشأن، وإنني أحب أن أذكر بخطبتي التي ألقيتها في هذا المعنى في عيد الفطر الماضي ثم خطبة عيد الأضحى أيضاً حيث أعتقد بأنني كشفت عن أن الطائفية السياسية هي العلة وعن أي السياسيين، الطائفيين منهم، هم سبب هذه العلة.
أضف إلى ذلك أن هناك لقاءات كثيرة ومفيدة كانت لنا مع القادة الروحيين في هذا البلد وعلى الأخص غبطة البطريرك خريش الذي وجدنا عنده كل التفهم للقضايا الوطنية، ثم أن هناك مشروع لقاء ما يسمونه بالقمة الروحية تقدمنا تمهيدا له بورقة عمل أرجو أن تسهل انعقاده في القريب العاجل.
• س: هل تشمل هذه الإجراءات جميع الفئات الدينية في لبنان أو إنها تستثني بعضها؟ من ولماذا؟
- ج: إن جميع الفئات الدينية التي تستغل الطائفية والسياسية وجودها هي معنية عندنا بدون استثناء في هذه اللقاءات الروحية المبنية على الحوار والتسامح بالمعنى الذي أمرنا الإسلام به.

التزكية الطائفية

• س: كثيراً ما تكون الأسس الروحية والتاريخية في الديانات المماثلة قد جعلت لنفسها صيغة خاصة في تعاملها مع الديانات الأخرى، فاتسع من جراء ذلك الشق النفسي بين الديانات جميعاً. الآن ماذا يمكن عمله أو ماذا عُمِل حتى الآن لتخفيف وطأة هذه الظاهرة؟
- ج: إن هذا الأمر لا يشكل في نظري أي مشكلة على الصعيد اللبناني، فمسألة العقيدة بين المسيحية والإسلام ليست مطروحة على أي مستوى من المستويات اللبنانية، وعلى ذلك فإنني أرجو أن لا نخلط بين القضايا العقيدية التي مجالسها المؤتمرات الخاصة، وبين القضايا الحياتية التي تتعلق بممارساتنا اليومية.
إنني أرى إذن أنه على الصعيد الحياتي هذا لم يعمل أي شيء على الإطلاق، فالأمور الحياتية متروكة لدرجة أصبح الدين في نظر المواطن الجاهل عصبية مغلقة.
أعني أن التركيبة الطائفية التي انعكست على التربية، وعلى الاقتصاد، وعلى الجيش، وعلى الإدارة، أدت إلى خلق طبقة طائفية عليا وطبقة طائفية سفلى، ولقد عمل الطائفيون بخبث على ربط هذه الطبقية الطائفية بطبقية دينية هذا ما جعل السؤال السياسي ينزلق إلى مجال السؤال الديني.
على كل حال إنني أرى أنه يمكن ان نعمل الشيء الكثير على صعيد الممارسة الحياتية: إن هناك قيماً أخلاقية تجمع عليها كل الديانات، فلا بد إذن من العمل على صعيدها:
كالعدل والمساواة والحق والخير والمحبة والصدق الخ... لا بد إذن من التحرك على مختلف الأصعدة لإحياء هذه القيم في جميع مؤسساتنا الحكومية والخاصة: في الجيش، وفي التربية، وفي الاقتصاد، وفي الإدارة، وفي مؤسسات الخدمات الاجتماعية... حتى في علاقتنا العربية والفلسطينية علينا أن نطبق مسيحيين ومسلمين، هذه القيم... نطبق نصرة الحق في القضية الفلسطينية، وتحقيق العدالة في المجتمع وهكذا.
• س: من أين تحصلون على المساعدة والدعم الفعلي في مهمتكم الصعبة للتوفيق بين الفئات؟
- ج: إننا أول ما نرجو المساعدة والتوفيق من الله سبحانه وتعالى، ثم إنني على ثقة أن لدينا الإمكانيات الذاتية ما يجعلنا قادرين على السير قدما في هذا الطريق، على أن إيمان الناس جميعاً بالقيم السامية التي تدعو الأديان إليها هو رأسمالنا الوحيد في كل ما نفعل.

السياسة اللبنانية
تصطدم بالقيم

• س: في كثير من الأحيان تصطدم القضايا الدينية بالحجج السياسية ولذلك تفسر خطأ في معناها الديني الأساسي. ما هو تعليقكم على هذه القضية؟
- ج: لقد أشرت أن قضايا العبادات لا تصطدم بالسياسة، ولكن الذي يصطدم بالسياسة هي القيم الدينية والخلقية المشتركة بين الأديان، فتصطدم السياسة مثلا بالحق وبالخير وبالعدل وبالمساواة بين الناس... إن السياسة اللبنانية، بحكم النظام الطائفي، هي سياسة متصادمة في غالب الأحيان مع هذه القيم الإنسانية والدينية ونحن في غير شك نعتمد دوما المنطلق الديني بمعانيه الإنسانية أساساً للسياسة ونجعل السياسة وسيلة إلى هذه القيم لا غاية في ذاتها، ونجد فيها أسلوباً لا قضية، وبقليل من العمق تتجلى الحقيقة وتعلو القضية.
وإذا اصطدمت السياسة مع القضية فتبقى إعادة النظر في السياسة لأنها شكل وليست أساساً.
• س: كيف يكون بالإمكان أن تساهموا لتخفيف وطأة الجو المكثف الناتج عن الاستغلال السياسي للمثل الدينية؟
- ج: بالوعي والتثقيف والتربية وإبعاد السياسيين المستغلين للمثل الدينية والإنسانية عن مجال العمل السياسي، وتشجيع السياسيين الملتزمين بهذه المثل من المسلمين والمسيحيين على السواء لاستلام المسؤولية السياسية. إنني أعتقد أن النوادي والحلقات الاجتماعية وأجهزة الإعلام ووسائل النشر تستطيع أن تساعد على ترسيخ هذا الاتجاه.
• س: فيما إذا تأزمت الأمور وتصلبت نتيجة القضايا الدينية، هل يمكن استثناء إمكانية تدهور الوضع كما هو الحال في ايرلندا الشمالية؟
- ج: لا يمكن أن تتأزم الأمور في لبنان نتيجة للقضايا الدينية لأن الدين سبب صلة بين الناس وليس سبب جفاء وانقطاع، والدين لديه كل الحلول ولا يمكن أن يعترف بالأزمات، فنحن في لبنان إذا تمسكنا بالقيم الدينية والإنسانية المشتركة فسيكون بإمكاننا القضاء على كل الأزمات التي تفتعلها السياسة. الأزمات إذن هي دائماً أزمات سياسية، وإذا تأزمت الأمور وتصلبت فسوف يكون ذلك نتيجة للممارسة السياسية التي تحاول عن خبث استغلال الدين للمصالح الشخصية الانتخابية والسلطة السياسية. ساعتئذٍ سوف لن يكون الصراع كما هو الحال في ايرلندا الشمالية، لأن الطائفية يرفضها المسلمون والمسيحيون الواعون الملتزمون وهؤلاء سيكونون في معسكر واحد، كما أن الطائفية ينتفع منها سياسيون، مسلمون ومسيحيون لهم أتباع مضللون من هنا وهناك... وهؤلاء سيكونون في معسكر آخر..
صراع لبناني من نوع فريد ليس له مثيل في العالم، لأنه صراع بين الالتزام الديني والاستغلال للدين... في ايرلندا الشمالية ليس الحال كذلك.
• س: ما هي الأسباب الرئيسية التي تدعو إلى تأزم الأمور كما هو الحال؟
- ج: اثنان: الطائفية السياسية، والساسة الطائفيون، كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره.
• س: إن الوضع في جميع الجامعات اللبنانية قابل للانفجار، هل في نظركم ان الاتجاهات الدينية تلعب دورا مهما في هذا التطور؟ وكيف؟
- ج: يفرض في المستوى الجامعي أن يكون أرقى المستويات الثقافية الواعية في هذا البلد، وإذا كان هناك من صراع على صعيد الجامعة فإنه من نوع الصراع الفريد الذي كنت قد أشرت إليه، والاتجاهات الدينية عند المتدينين الملتزمين يمكن أن تلعب دوراً بناء في هذا الصراع، وذلك بالتعاون على إلغاء الطائفية السياسية، وتحرير الدين وتحرير هذا المجتمع المؤمن من الاستغلال السياسي ونزعة الاحتفاظ بالامتيازات السلطوية والطائفية الموجودة عند فئة من المسلمين وفئة من المسيحيين في آن واحد.
• س: كيف يمكنكم أن تشرحوا تأثير ديانتكم وتأثير شخصكم على الشباب الناشئ في مجتمعكم الديني وعلى الشباب اللبناني عامة؟
- ج: إنني أعتقد أن الدين الإسلامي ذو تأثير كبير على الشباب المسلم بشكل خاص، لأنه مبني على الفطرة العقلية ومسايرة للطبيعة البشرية، فهو لا يعارض هذه الفطرة ولا يلغي هذه الطبيعة.
إنه ينظم الطبيعة البشرية لدينا لنستخدمها في ما يصلح بشريتنا بشكل عام، وينفعنا في الدنيا والآخرة على حد سواء. أما بالنسبة للشباب اللبناني بشكل عام فإن تأثير الإسلام عليه سيكون فعالا من غير شك إذا استطاع أن يتبين المعاني الإنسانية والأخلاقية المتضمنة فيه كما في المسيحية، كالعدل والمساواة والمحبة وما إلى ذلك من قيم.
وإنني أعتقد آخر الأمر أن الشخص، ولا سيما إذا كان في موقع المسؤولية يمكن أن يكون ذا تأثير كبير على شباب مجتمعه إذا كان هو فعلا قدوة صالحة يلتزم السماحة والاستقامة، والقيم السامية كما جاء بها الدين.
• س: كيف يمكن للديانات المختلفة أن تدعم التقدم الاجتماعي عامة، وخاصة في مجتمعكم؟
- ج: لقد أشرت أن هناك قيماً مشتركة بين الأديان يوافق عليها كل متدين ملتزم. فلا بد إذن من إبراز هذه القيم المشتركة، ثم العمل على تطبيقها، وإذا كانت العدالة والمساواة في طليعة القيم الدينية، فإنها في الوقت نفسه في أساس التقدم الاجتماعي.
فعندما نؤكد على القيم الإنسانية الدينية المشتركة ونعمل من أجلها نكون من جهتنا في الوقت نفسه قد أكدنا على قيم التقدم الاجتماعي ونعمل من أجلها ونسهم في تطور المجتمع.

نهوض لبنان مرهون
بتحقيق العدالة

أما في مجتمعنا اللبناني، فإنني أعتقد أن نهوض لبنان وتقدمه مرهون بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم، وتوزيع المناصب الإدارية وغيرها عليهم على أساس الكفاءة وحدها، وليس على أساس طوائفهم ومذاهبهم كما هو الحال الآن. نريد أن نستبدل مجتمع الطوائف في لبنان، بمجتمع اللبنانيين المتساوي هذه هي أولى خطوات النهوض بلبنان.
• س: ما هو الدور الذي تعطيه إلى ديانتكم في المجتمع اللبناني؟ ما هو رأيكم الرسمي في اعتبار دور المرأة ضمن المجتمع اللبناني عامة، خاصة في مضمار تحررها الاجتماعي والفكري، وإلى التساوي في القانون والعدالة الإنسانية، وفيما يختص بمساهمتها الفعلية في الحقل السياسي في لبنان؟
- ج: إن دور الدين الإسلامي في مجتمعنا اللبناني هو دور أساسي يستطيع به أن يبني الشخصية الإسلامية عند المسلمين التي تهدف في غايتها إلى تحقيق القيم السامية والتي نسميها كما سماها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم "مكارم الأخلاق" حيث قال "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" فإذا كانت هذه غاية التربية الإسلامية والشخصية الإسلامية فإن ذلك سيشكل الأساس لبناء المجتمع اللبناني الذي يقوم على مكارم الأخلاق.
وأما رأيي الرسمي في دور المرأة في المجتمع فإنه مستمد من رأي الإسلام في ذلك، وهو رأي يقوم على أساس العدل في معاملة المرأة، فالمرأة عندنا صنو الرجل ومتساوية معه في حدود إمكانياتها، فلها حق التملك مثله، ولها حق التجارة، ولها حق ممارسة العمل السياسي ولها حق العمل الاجتماعي، ولها حق العلم ولها حق الزعامة السياسية، ولها الحق في أن يكون الطلاق في يدها إذا اشترطت ذلك على الرجل. ولكن الإسلام الذي جاء لينظم الطبيعة البشرية بما يناسب هذه الطبيعة قد أخذ بعين الاعتبار الفوارق الطبيعة الموجودة بين الرجل والمرأة، ويكون مكابرا ذلك الذي لا يعترف بهذه الفروق التي أقرتها وظائف الأعضاء وعلم النفس. ومن المعلوم أن هذه الفروق بين الرجل والمرأة تبدأ من الاعتبارات العضوية والوظيفية الدنيا لترقى إلى فروق في الاعتبارات العاطفية والعقلية العليا، فإذا كانت هذه الفروق موجودة فلا بد إلا وأن ينتج عنها فروق في المسؤولية، ولأن الرجل بشكل عام أكثر قدرة على التحمل الجسدي، وعلى الكسب، وعلى العمل، وعلى الحرب، فهو مسؤول عن كل ذلك قبل المرأة، وهو مقدم عليها في المسؤولية وهذا هو المقصود بقوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" وإذا كان الرجل أكثر مسؤولية في الأسرة وفي العمل وفي المجتمع، فلا بد أن يستتبع هذه المسؤولية حقاً يوازيها. هكذا ينظم الإسلام قضية الفوارق الطبيعية بين الرجل والمرأة.

الميثاق الوطني

• س: ما هو رأيكم في إمكانية إزالة العوائق الدينية، الرئيسية من الكيان اللبناني السياسي؟ وإذا اعتبرنا الأساس الديني للميثاق الوطني اللبناني، كيف يمكن أن نزيل هذه العوائق الدينية بدون عنف أو شدة؟ ما هي الانجازات الشخصية في هذا الاتجاه؟
- ج: مرة أخرى ألاحظ في هذا السؤال الخلط بين ما هو ديني وبين ما هو طائفي.. وهذا نتيجة للطائفية السياسية في هذا البلد، وليكن واضحاً: النظام الطائفي في لبنان ضد الدين، والدين يرفض النظام الطائفي في لبنان.. لذلك أحب أن أقول أنني لا أرى في الكيان اللبناني السياسي عوائق دينية، وإنما نجد كل العوائق في الطائفية السياسية التي تكاد تأتي على كل شيء حتى على الدين نفسه. وهذا ما حصل بالفعل فلقد حل التعصب الطائفي محل الدين وهذا أمر خطير.
ثم بعد هذا من قال لك أن هناك أساسا دينيا للميثاق الوطني، أروني أين هو الميثاق الوطني، إن سياسيي الاستقلال يؤكدون أنه ليس هناك من ميثاق وطني بالمعنى الذي شاع بين الناس فيما بعد بحيث اختلفت فيه بنود وبنود، وهذا ما ذكره بالفعل الأستاذ كاظم الصلح في ملحق جريدة النهار الخاص بالدستور والميثاق والمشاركة الذي صدر بمناسبة رأس السنة عام 1974 حيث قال بالحرف الواحد في صفحة (68) "ثم جاء بشارة الخوري بعد أيام إلى مكتبي في جريدة النداء واجتمع برياض الصلح ولم يكن بينهما ثالث وانتهى الاجتماع إلى التفاهم الذي قام بينهما بعد ذلك. على ماذا تفاهما؟ على ما يسمونه اليوم "الميثاق الوطني"؟ كلا. التفاهم حسبما كنا نراه هو تطوير العلاقة بين الأطراف المعنية وتحويل لبنان من دولة ليس لها طابع واضح إلى دولة عربية. هذا ما جرى عليه التفاهم، وهذه هي حقيقة الميثاق". انتهى كلام كاظم الصلح..
فأين إذن المسألة أو العوائق الدينية في قضية الميثاق؟ بل أين هو الميثاق؟

   القسم السابق رجوع القسم التالي  

جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد
ارقام تهمك     فهرس الموقع     مواقع تهمك      روابط      من نحن       كفالة الأرامل و الأيتام    إتصل بنا     إدارة المؤسسة